الخميس، 2 يونيو 2011

ما بعد التأثيرية Postimpressionism

بول سيزان /
اش (إيكس أون بروفونس 1839-1906 م) هو رسّام فرنسي. على غرار زملائه من المدرسة الانطباعية، مارس التصوير في الهواء الطلق (مشاهد طبيعية)، إلا أنه قام بنقل أحاسيسه التصويرية، في تراكيب جسمية وكتلية (ملامح بشرية وغيرها). من أهم الموضوعات التي تعرض لها: الطبيعة الصامتة، المناظر الطبيعية، صور شخصية (بورتريهات)، ملامح بشرية (لاعبو الورق)، مشاهد لمجموعات من المستحِمين أو المستحِمات. كان له تأثير كبير على العديد من الحركات الفنية في القرن العشرين (الوُحوشية، التكعيبية، التجريدية). ويمكن أن نعتبر ان سيزان أبا للفن الحديث وذلك لان أسلوبه كان بمثابة المرحلة الانتقاليه لتغيير كبير في تاريخ الفن الحديث حيث انتقل فن التصوير بفضل تجاربه من المدرسة التي نسآت في نهاية القرن التاسع عشر الي المدرسة التجريديه الحديثة التي تكونت في القرن العشرين تأثر سيزان بالنقد الذي قوبلت به أعماله في معارض التآثيريين فقرر في اواخر السبعينات ان يجعل من التآثيريه شيئا متينا خالدا مثل فنون المتاحف وذلك عن طريق ربط التآثيريه ببعض الأساليب الكلاسيكيه فنبذ الفرجون الخشنة التي كان الانطباعيون يستخدمونها للتعبير عن البعد الثالث كما ترك طريقتهم في معالجة المنظور والضوء والظلال ورفض ان يقلد الطبيعة التي يرسمها وبدأ يبحث عن حلول جديده مبتكره للوصول الي أهدافه واستطاع في النهايه ان يرى في العناصر الطبيعيه التي يرسمها اشكالا هندسية بدلا من الاشكال الطبيعيه وكان يملأ هذه المساحات بعد ذلك بمساحات من الألوان.
توصل سيزان الي الحلول التي كان يبحث عنها في أعمال المرحلة الثالثة التي بدأت منذ عام 1880 وهي السنه التي تفرقت فيها مجموعة التآثيريين. وطبق أسلوبه الجديد المتحرر من التآثيريه في اللوحات التي رسمها بعد عودته الي بلدته اكس في عام 1882 وتوفر له ذلك في اللوحات التي صور فيها جبل سان فيكتوار في الفترة 1885 – 1887. ويتضح ذلك في لوحة (قمة سان فيكتوار) ونلاحظ في هذه اللوحات الطبيعيه ان سيزان بحث في القوانين الهندسية التي تتحكم في تكوينها ورأى فيها الاسطوانة والكرة والمخروط وعبر عن ذلك بلمسات قويه بالفرشاة وفي أثناء نقله لهذه الاشياء كان يعيد تركيبها فيضيف إليها ما يستحق الإضافة ويستبعد منها ما لا يستحق التسجيل ونلاحظ في لوحته السابقة ان الشجرة الموجودة في امامية اللوحة تساعد علي أحداث فن ومتانه هندسية ولذلك يعتبر سيزان مؤسس مدرسة التصوير الحديث حيث مهدت نظرياته الطريق الي ظهور المذهبين : التكعيبي والتجريدى.
ويتضح في لوحات سيزان الطبيعيه صراعا بين البعد الثالث للطبيعة الذي اهتم به الكلاسيكيون وبين البعد الثاني للتصميم الذي فضله سيزان ولقد نتج عن ذلك التناقض ظهور تحريفات في لوحاته التي رسمها من وجهات نظر متعدده. كما لم يهتم بالنسب وبعد المنظور ويمكن ملاحظة ذلك بصفه خاصه في لوحات الطبيعة الساكنة التي أكثر من رسمها ويتضح ذلك في لوحة (طبيعه ساكنه مع سلة فواكة) 1889 – 1890 إذ نرى بعض العناصر فيها وكآنها مرسومه من الامام والبعض الآخر من زاويه علويه كما يبدو سطح المنضدة مائلا عند رسم بعض الاشياء ومستقيما عند رسم اشياء أخرى.
وصل سيزان القمه في أسلوبه الكلاسيكي في الأعمال التي عرضت في المعرض الذي اقامه التاجر فولار عام 1895 واتضح ذلك في لوحات مجموعات الأشخاص التي اهتم برسمها في آخر حياته ونلاحظ في تصميم هذه اللوحات ان سيزان راعي صلابة البنيان الهندسي وحبكة التأليف وكانت اللوحة تستغرق منه مددا طويله ومن أجمل هذه الأعمال لوحات (لاعبو الورق) التي رسمها في الفترة 1885 – 1890 وتوضح إحداها 1890 حبكة التصميم الجديد الذي تميز به سيزان. (وقد صور سيزان خمس لوحات لهذا الموضوع لوحه بمتحف اللوفر بها مجموعه من خمسة أشخاص ثلاثه لاعبين ومتفرجان – ومجموعه من أربعة أشخاص ثلاثه لاعبين ومتفرج بمتحف اللوفر – ومجموعه من أربعة أشخاص ثلاثه لاعبين ومتفرج بمعهد كورتولد بلندن وثلاث لوحات بها لاعبان في مجموعات خاصه وفي اللوفر).


----------------------------\
فيننست فان غوخ /
إنتاج سلسلة اللوحات حول الفلاحين. نظر فينسنت إلى تلك اللوحات كدراسة تستمر في تطوير حرفته لتحضير أعماله الأكثر نجاحاً حتى الآن. عمل فينسنت طوال شهري مارس وأبريل على هذه الدراسات، وقد صرف انتباهه عنها لفترة وجيزة حينما رحل أبوه في 26 مارس/آذار. كانت علاقة فينسنت مع أبيه متوترة جداً في خلال السنوات القليلة الأخيرة، إلا أنه بالتأكيد لم يكن سعيداً بشأن موته، لكنه منفصل عاطفياً عنه، مما سمح له بمواصلة العمل بشكل اعتيادي.

لوحة أكلة البطاطة (أبريل 1885)

بعد العمل الشاق وتطوير الأساليب باستمرار في السنوات الماضية استطاع إنتاج لوحته العظيمة الأولى وهي "أكلة البطاطة". عمل فينسنت على لوحة أكلة البطاطة طوال شهر أبريل/نيسان من العام 1885. أنتج مسودات مختلفة لتحضير النسخة الزيتية الكبيرة الأخيرة على الجنفاص. تعرف لوحة أكلة البطاطة بأنها أول قطعة حقيقية نادرة لفينسنت فان غوخ، فتشجع إثر ردود الفعل بشأنها. ولكن صديقه وزميله الفنان أنتون فان رابارد (1858 - 1892) لم يعجب بعمله، وأدت تعليقاته حول لوحته إلى نهاية صداقتهما. بالرغم من أن فينسنت يغضب وينزعج من نقد أعماله، إلا أنه كان مسروراً من النتيجة عموماً، وهكذا بدأ مرحلة أفضل من حياته. واصل فان غوخ العمل طوال العام 1885، لكنه أصبح قلقاً مرة أخرى وبحاجة للتشجيع من جديد. انضم لفترة وجيزة إلى الأكاديمية في أنتويرب في بداية العام 1886، لكنه تركها بعد حوالي أربع أسابيع لاستيائه بصارمة المدرسين. كما تظاهر كثيراً في طوال حياته، شعر فينسنت بأن الدراسة الرسمية هي بديل سيئ للعمل. عمل فينسنت لخمس سنوات صعبة بشحذ مواهبه كفنان، ومع إنشاء لوحة أكلة بطاطة أثبت لنفسه أنه رسام من الطراز الأول. لكنه أراد باستمرار أن يحسن أوضاع نفسه، وذلك لاكتساب الأفكار وليستكشف التقنيات الجديدة حتى يصبح الفنان الذي يتطلع حقاً لأن يكون. أنجز في هولندا بقدر ما استطاع، فتركها وذهب إلى باريس.
في باريسأخذ فينسينت فان غوخ يتراسل مع أخيه ثيو طوال بداية العام 1886 في محاولة لإقناعه بالانتقال إلى باريس. كان ثيو مدركاً لشخصية أخيه القاسية. وصل فينسنت إلى باريس في أوائل شهر مارس/آذار. كانت فترة فان غوخ في باريس مميزة بالنسبة لحياة الفنان. السنتان اللتان قضاهما فينسنت في باريس هما أيضاً أحد الفترات غير الموثقة من حياته بشكل كبير، لأن كتاب السير كانوا يعتمدون على الرسائل بين فينسنت وثيو لمعرفة الحقائق، وقد توقفت الرسائل عندما عاشا الأخوان سوية في شقة ثيو، في منطقة مونتمارتريه بباريس.

صورة بيري تانغاي (1887 - 1888)

كان لثيو كتاجر فني العديد من الاتصالات، فأصبح فينسنت مألوفاً لدى الفنانين الرائدين في باريس في ذلك الوقت. كان فان غوخ في خلال السنتين اللتين تواجد فيهما في باريس يقوم بزيارة بعض المعارض المبكرة للانطباعيين، حيث عرضت أعمال بواسطة ديغاس، ومونيه، ورينوار، وبيسارو، وسيورا، وسيسلي. تأثر فان غوخ بدون شك بطرق الانطباعيين، لكنه بقى مخلصاً لأسلوبه الفريد على الدوام. كان فان غوخ في طوال تلك السنتين يستخدم بعضاً من تقنيات الانطباعيين، لكنه لم يدع تأثيرهم القوي بأن يكتسحه.
تمتع فينسنت بالرسم في ضواحي باريس طوال العام 1886. بدأت لوحاته بالابتعاد عن الألوان الداكنة وبدأت تأخذ ألوان الانطباعيين الأكثر حيوية. وما أضاف من تعقيد أسلوب فان غوخ أنه حينما كان في باريس أصبح مهتماً بالفن الياباني. فتحت اليابان موانئها مؤخراً للدول الغربية بعد قرون من الحصار الثقافي، وكنتيجة لتلك الانعزالية الطويلة سحر العالم الغربي بالثقافة اليابانية. بدأ فان غوخ باكتساب مجموعة كبيرة من الطبعات الخشبية اليابانية الموجودة الآن في متحف فان غوخ في أمستردام، وعكست لوحاته في أثناء ذلك الوقت الاستعمال الحيوي للألوان المفضلة عند الانطباعيين والألوان اليابانية المنعكسة. بالرغم من أن فان غوخ أنتج ثلاث لوحات يابانية فقط، إلا أن التأثير الياباني على فنه كان موجوداً بشكل دقيق في طوال بقية حياته.
كان العام 1887 في باريس مرحلة تطور أخرى لفينسنت كفنان، لكنها أيضاً سببت له خسائر فادحة، عاطفية وجسدية. عندما أصر فينسنت على الانتقال والعيش مع ثيو، قام بذلك على أمل أن يحسن الاثنان من إدارة نفقاتهما وليتمكن فينسنت بسهولة أكثر من أن يكرس نفسه إلى الفن. ولكن عيشه مع أخيه أدى كذلك إلى الكثير من التوتر بينهما. كما كان الحال في طوال حياته، جعل الطقس السيئ في أثناء فصل الشتاء فينسنت عصبياً ومكتئباً. لم يكن فينسنت أكثر سعادة من حينما انسجم مع الطبيعة وعندما كان الطقس أفضل. في أثناء الشهور الشتائية الكئيبة في باريس - في عامي 1887 و1888 - أصبح فان غوخ أكثر قلقاً لأن الصور والألوان الكئيبة نفسها ظهرت مرة ثانية. سنتا فان غوخ في باريس كانتا أكثر تأثيراً على تطوره المستمر كفنان. لكنه حصل على ما كان يريد، فحان وقت الانتقال. لم يكن فينسنت سعيداً أبداً في المدن الكبيرة، فقرر ترك باريس نحو جنوب.
انتقل فينسينت فان غوخ إلى آرل في بداية العام 1888 لعدة أسباب منها كرهه لباريس وللشهور الطويلة من الشتاء فيها. السبب الآخر كان حلم فينسنت بتأسيس نوع من المطارحات للفنانين في آرل، حيث يلجأ إليه رفاقه في باريس، ويعملون سوية، ويدعمون بعضهم البعض نحو هدف مشترك. استقل فان غوخ القطار من باريس إلى آرل في 20 فبراير/شباط 1888 وهو متطلع لمستقبل ناجح. لا شك في أن فان غوخ كان خائب الأمل في آرل في أسابيعه الأولى هناك. وجد فينسنت آرل باردة بشكل غير اعتيادي. لا بد وأن يثبط ذلك من عزيمة فينسنت الذي ترك كل شخص يعرفه وراءه ليبحث عن الدفء في الجنوب. كان الطقس القاسي قصيراً فبدأ فينسنت برسم بعض من أفضل أعماله.
عندما ارتفعت درجة الحرارة، لم يهدر فينسنت فرصة البدأ بالعمل في الطبيعة، وقام بعدة أعمال من بينها رسمة "منظر طبيعي لطريق وأشجار مشذبة"، ولوحة "الطريق عبر حقل الصفصاف". أنتجت الرسمة في مارس/آذار حيث تبدو الأشجار والمنظر الطبيعي كئيبة جداً بعد فصل الشتاء. أما اللوحة فقد رسمت بعد شهر وهي تعرض البراعم الربيعية على نفس الأشجار. في تلك الأثناء رسم فان غوخ سلسلة من لوحات البساتين المنفتحة. كان فينسنت مسروراً بما أنتج، وشعر بالتجدد. كانت الشهور التالية أكثر سعادة بالنسبة إليه. حجز فينسنت غرفة في مقهى دي لاغار في أوائل مايو/مايس، واستأجر بيتاً أصفراً كمكان يرسم فيه ويضع لوحاته. في الحقيقة لم ينتقل فينسنت إلى البيت الأصفر حتى سبتمبر/أيلول، حينما أسسه كقاعدة لما سماه بإستوديو الجنوب.
عمل فينسنت بجد في طوال فصلي الربيع والصيف، وبدأ بإرسال بعض أعماله لثيو. تمتع برفقة الناس وفعل ما بمقدوره أثناء تلك الشهور للحصول على الأصدقاء. بالرغم من أنه كان وحيداً جداً في بعض الأحيان، صادق فينسنت بول يوجين ميلي وجندياً آخراً، كما رسم صورهما. لم يفقد فينسنت الأمل أبداً في إمكانية تأسيس مطارحة للفنانين، وبدأ بتشجيع بول غوغان للانضمام إليه في الجنوب، لكن الفرصة لم تكن محتملة، لأن انتقال غوغان يتطلب الكثير من العون المالي من ثيو، الذي لم يعد يتحمل المزيد. في أواخر يوليو/تموز توفي فينسنت (عم فان غوخ) وترك إرثاً لثيو. مكن ذلك المال ثيو من تبني انتقال غوغان إلى آرل. شعر ثيو بأن فينسنت سيكون أكثر سعادة واستقراراً برفقة غوغان، كما أمل ثيو في أن تكون لوحات غوغان مربحة بالنسبة إليه. بخلاف فينسنت حقق بول غوغان درجة أصغر من النجاح. وصل غوغان إلى آرل بالقطار في وقت مبكر من يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول.
لوحة عباد الشمس (1889)

الشهران التاليان كانا محوريين وكارثيين لفينسينت فان غوخ ولبول غوغان. في البداية كان فان غوخ وغوغان جيدين سوية، حيث قاما بالرسم في آرل، كما ناقشا الفن والتقنيات المختلفة. ولكن مع مرور الأسابيع، تدهور الطقس ووجد الاثنان أنفسهما مرغمين على البقاء في الداخل كثيراً. مثلما هو الحال على الدوام، تقلب مزاج فينسنت لمجاراة الطقس. بسبب انجبار فينسنت على العمل في الداخل، أدى ذلك إلى التخفيف من كآبته. بعث فينسنت إلى ثيو رسالة قائلاً فيها أنه قام برسم لوحات لعائلة كاملة وهي عائلة رولن. تلك اللوحات بقت من بين أفضل أعماله.
تدهورت العلاقة بين فان غوخ وغوغان في ديسمبر/كانون الأول، فأصبحت مجادلاتهما الساخنة كثيرة الحدوث. في 23 ديسمبر/كانون الأول أصيب فينسنت فان غوخ بنوبة عقلية جنونية، فقطع الجزء الأوطأ من أذنه اليسرى بواسطة شفرة حلاقة، ثم انهار. اكتشفته الشرطة ثم أدخل إلى مستشفى هوتيل ديو في آرل. بعد أن أرسل غوغان برقية إلى ثيو، اتجه فوراً إلى باريس دون أن يزور فان غوخ في المستشفى. تراسل فان غوخ وغوغان لاحقاً لكنهما لم يجتمعا شخصياً مرة أخرى. كان فينسنت وهو في المستشفى تحت عناية الدكتور فيليكس راي (1867 - 1932). عانى بعد أسبوع من الكثير من فقدان الدم. كان ثيو الذي أسرع بالمجيء من باريس على يقين من أن فينسنت سيموت، لكنه تعافى كلياً مع نهاية ديسمبر/كانون الأول وبداية الشهر التالي.
الأسابيع الأولى من العام 1889 لم تكن سهلة بالنسبة لفينسينت فان غوخ. عاد فينسنت بعد تعافيه إلى بيته الأصفر، لكنه واصل زياراته إلى لدكتور راي لإجراء الفحوصات ولتغيير ضمادات رأسه. كان فينسنت متحمساً بعد التوقف، لكن مشاكله المالية استمرت، كما شعر باكتئاب جزئي عندما قرر صديقه المقرب جوسف رولن (1841 - 1903) لقبول موقع أفضل للعيش فانتقل مع عائلته إلى مارسيليا. كان رولن صديقاً عزيزاً ومخلصاً لفينسنت في معظم وقته في آرل. أصبح فينسنت كثير الإنتاج طوال يناير/كانون الثاني وبداية الشهر التالي، فرسم بعضاً من أعماله المعروفة مثل لوحتي "لابيرسوز" و"عباد الشمس". في 7 فبراير/شباط عانى فينسنت من نوبة أخرى تخيل فيها نفسه بأن مسمم. نقل فينسنت مرة أخرى إلى مستشفى هوتيل ديو للمعالجة، ومكث هناك 10 أيام، لكنه عاد مرة أخرى إلى البيت الأصفر بعد ذلك.
أصبح بعض مواطني آرل قلقين في ذلك الوقت بسبب سلوك فينسنت، فوقعوا عريضة بخصوص مخاوفهم. أرسلت العريضة لرئيس بلدية آرل ثم لمدير الشرطة الذي أمر فان غوخ بدخول المستشفى مرة أخرى. بقى فينسنت في المستشفى للأسابيع الست التالية، ولكن سمح له بالمغادرة تحت الإشراف في بعض الأحيان لكي يقوم بالرسم ولوضع أملاكه في المخزن. كان ذلك وقتاً منتجاً لكن فان غوخ كان مثبط العزيمة عاطفياً. كما كان الحال قبل سنة، عاد فان غوخ لرسم البساتين المنفتحة حول آرل. ولكن بينما كان ينتج بعضاً من أفضل أعماله، أدرك فينسنت بأن موقفه غير ثابت، وبعد المناقشات مع ثيو وافق على اللجوء إلى مستشفى سان بول دي موسول النفسي في سان ريمي دي بروفانس طوعاً. ترك فان غوخ آرل في 8 مايو/مايس..

بول جوجان /
ولد ( بول جوجان) في باريس عام 1848 وهو عام نشوب الثورة الفرنسية الثانية وكان أبوه صحفيا جمهوريا , فلما استولى (لويس نابليون) على السلطة ونصب نفسه إمبراطورا سنة 1851 هاجر الأب إلى البيرو بأمريكا الجنوبية حيث كان يعيش أقارب زوجته التي ولدت هناك, فقد كانت ام جوجان ابنة لرسام يدعى (شازان) وأمها إسبانية من سيدات المجتمع المرموقات لنشاطها في جماعة ( جنود سان سيمون) لقد كانت تنتمي إلى الطبقة الحاكمة التي كانت ينتخب من بينا نائب الملك في بيرو. ولكن والد جوجان مات في هذه الرحلة قبل أن تصل السفينة إلى ميناء ليما فعاشت الأم مع أبنائها هناك أربع سنوات ثم عادت بهم إلى فرنسا عندما بلغ عمر بول جوجان سبع سنوات.
وعندما أتم الفتى دراسته الثانوية أنبهر بحياة البحر فالتحق بالبحرية التجارية وهو في سن السابعة عشرة واستمر بها حتى سن العشرين وقام خلال هذه السنوات بعدة رحلات بين ميناء الهافر وريودي جانيرو والسويد والدنمارك وبعد وفاة والدته عام 1871 هجر البحر واشتغل بالسمسرة وفي عام 1873 تزوج من فتاة دنمركية جميلة من أسرة ثرية وأقام لها بيتا جيد التأثيث وأنجب منها خمسة أطفال وعاش حياة اجتماعية ناجحة ... لقد كان موفقا في عمله وكانت أرباحه في ازدياد مستمر .ولكن أحد عملائه في العمل دعاه لزيارة المعارض الفنية بصحبته وظهر أنه من هواة الرسم في وقت الفراغ .. ودعا جوجان أن يجرب الرسم في الهواء الطلق يوم عطلته الأسبوعية .
وفي عام 1876 تقدم جوجان إلى صالون الخريف بمجموعة لوحاته للمناظر الطبيعية وعلى أعضاء جماعة التأثيرين وبدأ يشترى لوحاتهم حتى بلغ ما دفعه في هذه اللوحات 15 ألف فرنك.. وقام (بيسارو) بتوجيهه في الرسم وشرح له أسرار الفن التأثيري كما عرفه بسيزان وبقية التأثيرين فشاركهم في معرضهم الخامس .. وعندما اشترك معهم – كفنان هاو- في المعرض السادس أثنى عليه ناقد مشهور يسمى ( هويسمان) إلا أن هذا الناقد عاد وتجاهل لوحاته التي شارك بها في معرض التأثيرين السابع باعتبار أنها لا تدل على أي تقدم.
وفي عام 1883 أراد أن يبرهن للجميع أنه يستطيع التفوق والتقدم لو تفرغ للفن , فاحترف ارسم واعتزل العمل في مهنة السمسرة وانتقل مع زوجته وأطفاله إلى ( روان) حيث كان يعيش (بيسارو) وهو ممتلئ بالطموح وأحلام الشهرة والمجد, متصورا أن عمله الفني سيدر عليه دخلا يعوضه عن مهنته التي اعتزلها .. لكنه لم يربح شيئا وتبخرت مدخراته في أقل من ثمانية اشهر ولم يستطع مواجهة سخط زوجته التي أصرت على السفر إلى عائلتها في الدنمارك , فرضخ لرغبتها وصحبها مع أولاده إلى كوبنهاجن , حيث أتاحت له أسرتها العمل في التجارة كما أقام معرضا للوحاته التي رسمها في فرنسا ولكن المعرض فشل والتجارة أخفقت. وفي يونيو 1885 رجع إلى باريس , بعد معركة حامية مع أسرة زوجته وصحب معه ابنه الأصغر الذي يبلغ من العمر ست سنوات .. وهناك عانى الأمرين لأنه لم يستطع أن يبيع لوحاته لحد , واضطر إلى العمل في لصق الإعلانات والملصقات بالشوارع وقضى أيامه مع أبنه بدون مأكل وكانا يقضيان معظم ليالي الشتاء بدون غطاء .. وأخيرا جاءت الأم فأخذت طفلها وعادت به إلى كوبنهاجن.
وبدأت سنوات التشرد في حياة جوجان واستغرقه الفن تماما وانتقل إلى مقاطعة بريتاني حيث أقام في فندق مخصص للفنانين المعوزين وهناك عكف جوجان , في عزم وتصميم على تجربة أسلوب جديد في الفن اكثر حدة وصلابة من الأسلوب التأثيري فاجتذب عدد من الفنانين الشبان لمتابعته فكانوا يلتفون حوله للإصغاء إلى نظريته الجديدة . وفي نهاية ذلك العام عاد إلى باريس حيث أقام صداقة مع ( فان جوخ) وزار ( ديجا) في مرسمه.
وفي ربيع عام 1887 أبحر مع فنان شاب وهدفهما الوصول إلى جزر المحيط الهادي عن طريق بنما حيث كانت القناة تحفر آنذاك ولم يجد عملا غير الاشتراك في حفر القناة لبضعة أسابيع ثم اقلعا إلى جزر المارتنيك ولكنهما عادا إلى باريس في العام التالي مفلسين تماما.
وفي باريس أقام معرضا ضم 20 لوحة من أعمال جوجان التي رسمها في جزر المارتنيك وبيع بعضها بثمن زهيد ولكنه كان كافيا ليتيح له الإقامة صيفا آخر في ( بونتافان) ... وفي هذا الصيف تحول جوجان تمام من التأثيرية إلى اتجاه تأليفي أو ( رمزي) وإن كان جوجان نفسه قد سخر من هاتين التسميتين فيما بعد. وقد دعاه (فان جوخ) في شتاء عام 1888 للإقامة معه في بلدة (أرل) بجنوب فرنسا .. ولكن هذه الزيارة انتهت نهاية مفجعة بالشجار بينهما وتهديد فان جوخ لجوجان بالقتل .. فعاد جوجان إلى بونتافان وزاد أثره على شباب الفنانين . ورحل جوجان إلى تاهيتي عام 1891 ليعيش في سلام وسعادة وفن فرسم 60 لوحة والعديد من الرسوم في عام واحد . إلا انه مرض وأصابه هزال شديد, فاضطر للذهاب إلى عاصمة الجزيرة طلبا للعلاج وبعد بضعة أسابيع عاد على كوخه ولكنه كان لا يزال عليلا ولم يتبق لديه أي مال .. وأرسل لوحاته إلى باريس فأثارت إعجاب الأصدقاء إلا أنها لم تجد من يشتريها. واستطاع أصدقاؤه في باريس أن يجعلوا الحكومة الفرنسية تتكفل بإعادته إلى أرض الوطن فعاد عام 1893 إلى مارسيليا وهو لا يملك فرنكا واحدا..وساعده الحظ عندما توفى عمه في هذا الوقت فورث نحو ألفي دولار فأقام لنفسه مرسما في ( مونبارناس) وكان يغض كل ليلة بالعديد من الأدباء والفنانين من شتي الطبقات كما كان مكانا للهو والمجون مما جلب له الفضيحة والشهرة. وفي العام التالي هاجر بعد أن أنفق المبلغ الذي ورثه رحل إلى ( بونتافان)لقضاء الصيف مع القرد الصغير الذي كان يصحبه وخليلته الإندونيسية ولكنه لم يكف عن العراك فهجرته عشيقته التي سبقته إلى باريس واقتحمت مرسمه ونهبت ما استطاع أن تنهبه. وبعدها عاد إلى باريس ليصفي كل ممتلكاته ويبحر مرة أخرى إلى تاهيتي , حيث عاش مبذرا حتى ضاعت أمواله وعاد يعاني الأوجاع والمذلة والفقر فراح يرسل إلى أصدقائه بباريس يلتمس معاونتهم ماليا بما يساوي 40 دولارا كل شهر ليعيش ويشتري أدوات الرسم غير أن هذه الفكرة لم تلق ترحيبا .. فكتب إليهم يطلب بيع لوحاته بأي ثمن , فكان يصله من حين لآخر مبلغ ضئيل من المال حتى لم يطق العيش فحاول الانتحار بالزرنيخ ولكنه شفي , فعمل كاتبا في عاصمة الجزيرة بينما كان يتفرغ من حين لآخر للرسم حيث كان تاجر الصور ( فولار) يبعث إليه من حين لآخر بمبلغ يساوي 30 جنيها شهريا.
وبدأ يتشاجر مع رجال السلطة بسبب سوء معاملتهم للأهالي .. حتى حكم عليه عام 1903 بالسجن والغرامة .. وقبل أن يستأنف الحكم أشتد عليه المرض وتوفى في 8 مايو سنة 1903 وحيدا لا يقف بجانبه أحد.
فحطم رجال السلطة كوخه وباعوا مخلفاته .. إلا أن فولار تاجر الصور عمل في هدوء على شراء ما أمكنه العثور عليه من آثار جوجان فجنى بعد ذلك ثروة طائلة. وكان اثر فن جوجان عميقا على عدد من شباب الفنانين الذي أطلق على أسلوبهم فيما بعد اسم  الحوشية

صورة شخصية للفنان- تصوير زيتي 1889
هنري ماتيس /



هنري ماتيس (Henri Matisse) عاش (1869-1954 م) هو رسّام فرنسي. من كبار أساتذة المدرسة الوحشية ، تفوق في أعماله على أقرانه، استعمل تدريجات واسعة من الألوان المنتظمة، في رسوماته الإهليجية (كانت تُعْنى بالشكل العام للمواضيع، مهملة التفاصيل الدقيقة)، يعتبر من أبرز الفنانين التشكيليين في القرن العشرين.
تتضمن أعماله لوحات تصويرية، منقوشات، منحوتات، زجاجيات (كنيسة الدومينيكيين في فينشي، 1950 م). تَعْرِض العديد من متاحف العالم أعماله، وخصص اثنان منها له -في فرنسا-: أحدهما في نيس (Nice) والآخر في كاتو
كان زعيما لاول حركة فنية ظهرت في مطلع القرن العشرين وهي الوحشية التي لم تدم طويلا.ولد ماتيس في بلدة كانو كامبريزي بشمال فرنسا درس القانون في باريس واشتغل لفترة في مكتب محام في بلدته الا انه سرعان ماشعر ماشعر بمواهبه الفنية فرجع الي باريس ليدرس مبادئ الرسم علي يد المصور برجيرو ثم تركه وذهب الي دراسة أكثر تحرارا في مدرسة الفنون الجميلة علي يد المصور جوستاف مورو بدات شهرة ماتيس تضح بعد أن اشترك مع بعض زملائه في صالة ن خريف عام 1905 واعتبر ماتيس زعيما للحركة عندما اطلق اسم الوحوش علي جماعته وانهالت عليه الدعوات من المعجبين في أمريكا والسويد والنرويج لينشئ مراكز لأسلوب الدراسة الوحشية لذلك كان لتعليمه اثر في مسار التصوير الحديث.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق