الخميس، 2 يونيو 2011

فان غوخ

في مصح " سان ريمي " كان ( فان غوخ ) في عز جنونه وشروده..يرسم على الجدران ..ونسخ لوحة ( ليلة مليئة بالنجوم ) وكتب لشقيقه يقول له : ( أميل إلى الدين في هذه الفترة ..في الليل أتوجه إلى الخارج لأرسم النجوم (
وكانت لوحة ( ليلة مليئة بالنجوم ) للرسام الفرنسي " جان فرنسوا ميليه " ولم يكن ذلك هو العمل الوحيد الذي ينسخه " فان غوخ " وإنما هي آخر لوحة من سلسلة لوحات وأعمال فنية نسخها عن ميليه..وهذا ما أثار انتباهي عند قراءتي لكتاب يتناول رائد التعبيرية " فان غوخ " والذي مهّد فيما بعد لمذ1هب التوحشية..وكرسه كل من " ماتيس " و " براك " .

هذا التقليد المتعمد والنسخ من قبل " فان غوخ " للرسام " ميليه " جاء حين جال في أرجاء معرض استعادى في باريس..لـ " جان فرنسوا ميليه " بعد وفاته ..فلم يستطع غوخ أن يخفي انبهاره بريشة فنان الحقول والريف الذي يصور وجوه البسطاء المتعبة ..وتنقل بنظره من لوحة إلى أخرى..حتى اختزنت ذاكرته الألوان..والمناظر..ثم عاد إلى هولندا ..وعزم على احتراف الرسم .

ويجمع المتحف الباريسي ( لوموزيه دورسيه ) الأعمال المتشابهة للرسامين الكبيرين والتي لا تخرج عن نطاق الريف والحقول.

"
ميليه " عُرف باسم ( رسام المزارعين ) كان فلاحاً محباً لأرضه..وورث حب الطبيعة عن والده فلقبه أصدقاؤه بـ ( رجل الغابات ) ..يقول بشفافية الفلاحين
(
لم أرَ في حياتي سوى الحقول ، ولدت فلاحاً وفلاحاً أموت (.

استوحى أسماء لوحاته من أدوات الزراعة ) المحراث ) و ( المنجل ) ..وتوفي في عام 1875 عن 61 عاماً

بعد شهرين من وفاته تعرف " فان غوخ " على أعماله..في وقت كان غوخ متأثراً بالعمل التبشيري لوالده القس..لكن..بعد ذلك المعرض صرف نظره عن التبشير لينكب على الرسم..وأوعز لشقيقه ليشتري له مجموعة من ( أعمال الحقول ) لـ " ميليه " ..وانجرف الرسام الهولندي إلى الريف الفرنسي..الذي ابدع فيه " ميليه " في تجسيد ابعاده بالحركات والألوان ..فرسم الجغرافية الوجدانية للريف.

رسم " فان غوخ " لوحة ( المزارع ) لـ " ميليه " خمس مرات ..لكنه لم يترك سوى نسخة واحدة..وجعل لوحة ( مزارع ) ميليه تجري في وضح النهار..مستخدماً ألواناً لم تكن شائعة في ذلك الوقت ..بخلاف الألوان البنية القاتمة..التي طبعت أعمال ( رسام المزارعين (.

ولا يخفي " فان غوخ " أن " ميليه " فتح له الطريق..وكتب إلى " اميل برنار " يقول له أن " رمبرانت " و " دولاكروا " هما أفضل من رسم وجه المسيح ..أما " ميليه " فقدم عقيدة المسيح من خلال وجوه الفقراء والمزارعين المفعمة بالطيبة.

لكن

أيُ تبرير سيقنع محبي " فان غوخ " حين يكتشفون تقليده المتعمد لغيره؟

وأيُ ثقة قد تترأى لمتذوق الفن التشكيلي حين تبرز أعمال متشابهة لأكثر من فنان؟

تُرى..هل ستتصدع المصداقية ( التشكيلية ) ؟
من .. http://www.aljsad.net/showthread.php?t=12986

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق